الموصل وسورها الاثري.. ملاحظات وتداعيات ..... بقلم عمر النعمة

الموصل وسورها الاثري.. ملاحظات وتداعيات ..... بقلم عمر النعمة
06 April
سور الموصل الأثري في الجانب الايسر من مدينة الموصل يعود تأريخ بنائه إلى عصور ما قبل الميلاد، وبالتحديد إلى عصر الإمبراطورية الآشورية، وفق ما يذكر المؤرخون والباحثون.
مع كل التغيرات التي حصلت في المدينة على كل الصعد حافظ السور على مكانته، باعتباره شاخصا تراثيا، تتناقله الاجيال كابرا عن كابر.
ولعل موقعه المرتفع شيئا، وطبيعة بنائه المحكمة جعلته معلما ابرز في مدينة الموصل وخصوصا في ايسرها.

فذلكة تأريخية
السور يعود الى عاصمة الامبراطورية الاشورية الضاربة في القدم على اختلاف التواريخ المثبتة قبل الميلاد.
هيكلية السور تتمثل بجدار من حجر، يلحق به جدار من طابوق مع ابراج حجارية بين واحدها والثاني أمتار.
نينوى التي تعد أكبر العالم القديم كانت ابوابها التأريخية مشرعة ونظامها الاداري محكما، بين الداخل لها والخارج منها.
قال الدكتور الاثاري الموصلي احمد قاسم الجمعة عن مكانة السور في حديث صحفي قائلا:
(وهذا السور له قيمة حضارية يعود الى عهد الملك سنحاريب من العهد الاشوري 705 الى 681 قبل الميلاد ويعد ركيزة حضارية مهمة).
وفي موسوعة الموصل الحضارية يقول الدكتور عامر سليمان: (والمتتبع لتاريخ الاشوريين في عصورهم المختلفة يذهل من كثرة المخلفات المادية التي خلفها لنا الاشوريون في عصرهم الحديث، والتي تشكل حاليا اهم واروع ما تملكه المتاحف العالمية الشهيرة من آثار، كما ان المدن الاشورية المكتشفة، وجميعها تقع في منطقة الموصل تعد من اهم المدن العراقية المكتشفة من حيث ضخامتها وفخامة ابنيتها، وكثرة آثارها كمدينة نينوى وآشور...).


اشكالية ما تعرض له السور حديثا..
في مطلع شهر آذار من عام 2021 كانت هناك اعمال حفر بالقرب من السور الاثري في الجانب الايسر، وقتها حذرت وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من خطورة الامر، خصوصا ان الحفريات الجارية لشق شارع لا تبعد سوى امتار معدودة عن الموقع الاثري
وعن حقيقة اشكالية موضوع سور نينوى يقول قائممقام الموصل الحالي زهير الاعرجي انها ليست وليدة اليوم، بل ظهرت ملامحها منذ عام ألفين، اي قبل واحد وعشرين عاما، كتدابير قضائية وحتى قبل ذلك اي منذ  1989م، عندما  كانت هناك حملات للاعمار في المدن، حيث تم فتح هذا الطريق بشكل غير مدروس ومخالف للتصميم.
ويذكر الاعرجي في حديثه انه بعد عام 2003 بدأت العوائل التي تمتلك الاراضي في المنطقة المذكورة المحاذية للسور بتقديم طلبات الى دائرة النزاعات الملكية والقضائية عن طريق البداءة لغرض استحصال حقوقهم وهم عوائل موصلية معروفة  كبيت العمري وغيرهم.
ويكمل الاعرجي حديثه بأن الدعاوى والاوراق موجودة ويمكن الاطلاع عليها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وما تم فعله أخيرا كان بموافقات الوزارات المعنية، ومفتشية آثار نينوى.

الهجمة الشرسة..
يعتقد النائب السابق في البرلمان العراقي جوزيف صليوا أن نينوى تتعرض لهجمة شرسة، وهناك ابعاد سياسية للفعل الذي وصفه بـ (الاجرامي) على حد وصفه، والمتمثل بتغيير تاريخ الدولة العراقية، ومن ثم التغيير الديموغرافي في نينوى وحتى التركيبة السكانية.
ويتهم صليوا الذين يحاولون التغيير الديموغرافي بخضوعهم لولاءات خارجية لتفيذ أجندات معينة.
ويتسائل فيما اذا كانت مصلحة الموصل متوقفة على ازالة السور، حيث ان هنالك بدائل من الممكن ان تتبناها الحكومة المحلية.
واوضح خلال حديثه عن اخفاء للحقائق عبر بعض المتنفذين في نينوى، ويتم ايصال صورة غير صحيحة الى صناع القرار في بغداد.


مفتشية الاثار، ومقتربات السور..
مفتشية الاثار في محافظة نينوى نفت اية تجاوزات على السور الاثري حيث أكّدت ان هذا الموقع ليس بسور نينوى الاثري انما هو موقع اطلقت عليه مصطلح "تيكلة" ويبعد عن محرمات سور نينوى الاثري في هذا الضلع اكثر من 600 متر اي يقع خارج محرمات سور نينوى الاثري.
اما الصحفي الاستقصائي زياد السنجري فيرى ان هناك تجريفا للسور، حيث تعرض لتخريب حسب الفيديوهات التي شاهدها اغلب سكان نينوى.
 ويؤكد السنجري ان حقيقة الامر تتعلق باجتهاد البلدية، اضافة الى هيئة الاثار التي وصفها بالمقصر الاول في هذا الموضوع بمحاولتهم التقليل من اهمية الامر، لكن ما حدث بالحقيقة وفقا للسنجري، هو امر كبير وتم التعدي على مقتربات السور بشكل واضح ولم يجعلوا اي مسافة بين المحرمات.
وبين ان هذا امر مرفوض، لا تنص عليه القوانين العراقية ولا حتى بعد تعديل القانون في 2003.
ويختم السنجري حديثه قائلا: القضاء هو من يفصل في هذه المسألة هناك مقتربات للسور اكثر من 30 مترا، المفروض ان لا يتم العبث بها، وما جرى هو العبث بمقتربات السور، حيث لا وجود لحجة قانونية لاستئناف العمل مرة ثانية بعد توقفه.

موقف لجنة الثقافة النيابية
اللجنة طالبت وزير الثقافة بالتدخل العاجل لايقاف هذه التجاوزات وفتح تحقيق شامل للوقوف على خلفية هذه الحادثة التي وصفتها بـ (غير المسؤولة) ومحاسبة المقصرين بشدة.
ووعدت اللجنة بالعمل على التحقيق ومحاسبة المقصرين الذين لديهم يد في التجاوزات الحاصلة في نينوى وتقديم من وصفته بـ (المقصر) الى القضاء.
اخيرا.. الموضوع بكل ملابساته وتداخلاته بحاجة الى رأي العقلاء والمعنيين بالاثار، بعيدا عن التهويل والاثارة، مع اهمية الحفاظ على ارث ضارب بالقدم نفتخر به كموصليين.